سعيد بنسعيد العلوي: الحداثي الأصيل
الملخص
كثيرا ما يتم نعت باحث بأنه إسلامي أو حداثي أو تقدمي أو بغيرها من النعوت، وهذه الرغبة في التصنيف قد تقف خلفها أهداف قد لا تكون علمية ضرورة، بل ربما تكون منطلقة من عقلية المصادرة التي طبعت الكثير من الاتجاهات العقائدية أو السياسية، و كلما زادت أهمية الشخصية، زادت حدة التنافس على وسمها بسمة تخندق فكرها في خضم فكر المصنف، رغبة في الاستقواء بالانتماء إليه على الاختيارات الفكرية المخالفة، أو طمعا في طمأنة الذات على صواب اختياراتها ما دام أحد الأعلام يرى رأيها في قضية معينة أو في قضايا متعددة.
ويعتبر الدكتور سعيد بنسعيد العلوي واحدا من علماء المغرب ومفكريه، والذي تعرضت ذاته واختياراته الفكرية لشتى أنواع التصنيف ولعل وسمه بالحداثي أو بالانتماء إلى الحداثة أحد هذه التصنيفات. فإلى أي حد يصدق علي هذا المفكر هذا الضرب من التصنيف؟
إن الدكتور بنسعيد واحد من الذين وعوا مبكرا بتنوع الاختيارات الفكرية قبيل مرحلة الحماية و إبانها، بكيفية انطلق الصراع بين المرجعيات المختلفة حين راح المغاربة لا يكتفون بقياس ذاتهم إلى ماضيهم كما درجوا على ذلك، بل صاروا يقيسون حاضرهم إلى حاضر الآخر خصوصا بعد ظهور الحاجة إلى التحديث بعد هزيمتي إسلي وتطوان منتصف القرن التاسع عشر، وقد رصد في كتاباته العديدة هذا التحول الفكري في العقلية الإصلاحية المغربية، وواصل رصدها من خلال دراسة إنتاج العديد من الشخصيات في مغرب فترة الحماية، خصوصا مع رجالات مثل الحسن الحجوي وعلال الفاسي، ليواصل إبراز تجلي الفكر المغربي الحديث من خلال ثنائية الأصالة والمعاصرة، وما زال عطاؤه في هذا المجال مستمرا إلى اليوم. فهل يسعف اتجاهه إلى دراسة الحداثة والتحديث، ودفاعه عن بعض الأفكار المتقدمه في وسمه بالحداثة أو جعله من رجالات الفكر الحداثي العربي؟ وهل يعتبر هذا الوسم نوعا من التصنيف المؤسس علميا أم هو ضرب من المصادرة اللاعلمية؟ أم أن متن الكاتب الفكري قد يسعف بإلماعات تجديدية وإصلاحية قد يجعل توضيح التمايز بين مفهومي الحداثة والتجديد بحكم أكثر علمية على هذا العلم، فكيف يمكن أن نجعل من إيضاح مفهوم الحداثة مدخلا لإعادة النظر في باكورة إنتاج هذا العالم ليصير منتميا إلى الفكر المغربي خاصة والإنساني عامة دون تصنيف ضيق أو مصادرة إديولوجية؟ ذلك أن إعادة التفكير في الحداثة، الذي هو موضوع هذه الندوة، تقتضي إعادة التفكير في من وسموا بالحداثيين أيضا.
التعليقات