الملخص
من المعلوم أن ابن حزم رحمه الله الإمام الظاهري اتبع منهجا مخالفا لجمهور العلماء في ترتيب أدلة الأحكام، حيث توسع في توظيف الأدلة النصية المستقاة من الكتاب والسنة، ثم اعتمد الأدلة المبنية على أصل الاستصحاب، وفي المقابل رد جملة عريضة من أدلة الأحكام المختلف فيها مثل القياس وسد الذرائع والاستحسان .. وأنكر الاحتجاج بها واعتبر أنها “باب يؤدي إلى الكهانة الكاذبة والتخرص في علم الغيب والتحذلق في الاستدراك على الله تعالى وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم فيما لم يأذن به عز وجل”[1].
هذا الإنكار المتشدد منه لهذه الأدلة كان من شأنه أن يضطر الإمام الظاهري إلى سلوك منهج مغاير تماما لما عليه باقي الفقهاء والأصوليين، إذ مما لا شك فيه أن النوع الثاني من الأدلة- وهي المختلف فيها- كان ميدانا فسيحا للاستنباط والتشريع، اعتمده الفقهاء بشكل واسع جدا في الاستنباط، والتخصيص و التقييد، والترجيح والتضعيف.
ذلك أن مذهب جمهور العلماء أن النصوص متناهية محدودة في عددها، بخلاف وقائع الناس وأحوالهم وما يحصل لهم من مستجدات كل ساعة وحين فهي سيل متدفق ذو صبيب عال لا يفتأ ينحصر، وهنا السؤال الإشكالي: كيف سينهج ابن حزم حتى يجد إجابات كافية لكل نازلة وحادثة مستجدة تنزل بالخلق وهو ينكر كل تلك المناهج في الاستدلال؟
ثم ما هو المسلك الجديد الذي سيستعيض به كبديل عن كل تلك الأدلة الشرعية التي ينكرها؟
وما هي النظرية التي أسسها ابن حزم وكانت منزعه فيما ذهب إليه من الاكتفاء بالنصوص ومخالفة الجمهور بعدم الاعتداد بالأدلة المختلف فيها؟
ويجدر بي قبل الإجابة على هذه الإشكالات أن أبين أولا -وبشكل مختصر- الأصول العامة التي يبني عليها ابن حزم الأحكام الشرعية.
لقراءة البحث كاملاً المرجو الضغط هنا
[1] الإحكام في أصول الأحكام، لابن حزم (7/ 188)
التعليقات