ندوة دولية بعنوان: مراجعات نقدية في الدراسات الشرعية والمعرفية: موضوعا ومنهجا

متى:
13 مارس، 2020 @ 10:28 م – 14 مارس، 2020 @ 11:28 م
2020-03-13T22:28:00+01:00
2020-03-14T23:28:00+01:00

ديباجة الندوة

إن مصدرية القرآن الكريم و مرجعيته في بناء العلوم و المعارف  تقتضي العودة إليه طورا بعد طور، برؤية تجديدية نقدية مستأنِفة، ذلك أن الوحي الرباني المعجز، يتلقاه الإنسان عامة، والمسلم خاصة، بقصد التفكر و التدبر، فلا يبلى من كثرة المترددين والوافدين، ولا تنقطع به سبل المستدركين المستأنفين، ولا يرضى بارئه سبحانه أن تكون وسائط الفهم والنظر والتقعيد والتنزيل التي قامت ونمت وترعرعت عبر القرون، في مختلف العلوم والفنون، بديلا أو حجابا عن مصدرية الوحي في تجديد بناء العلوم والمعارف، وعما أودع الله في رسالته من آيات الاهتداء والتبصر، ودلائل الاستئناف والتطور.

ثم إن الإنسان  – موضوع آيات الاهتداء –  يتقلب في هذه الحياة كدحا، من طور إلى طور، ويجدد مدركاته ومكتسباته وأهدافه ومطالبه، من خلال المعارف والعلوم الناشئة عن تلك الأطوار بالتبع، والخادمة لحاجاته وآماله، ثم من خلال الآيات والسنن الموجهة المسددة الصادرة من خالق الأكوان، المسخرة لهذا الإنسان. قال الله تعالى: â إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُá. [الإسراء: 9]

وإنه من الأكيد أن أي معنى من معاني التجديد يتلازم مع نهضة الإنسان وتقدمه، ويناكف جموده وتخلفه، ولا يقوم أي تجديد أو تطوير إلا على منهج نقدي هو ميزان صحة الصحيح وسقم العليل؛ ينخل به الموروث ويُقوّم ويستثمر، وتسدد فيه الرؤى، ويزال منه الصعب والمكرر والممطط… مما هو سبب في أكثر الأحوال في الركون والثبات والتقليد المطلق.

وينصب منهج النقد المطلوب هذا على الدراسات الشرعية والمعرفية، بغية تأسيس منهج نقدي يقوم في نظرنا على ركيزتين:

الأولى: تهم تشخيص الإشكالات المبثوثة في التراث الشرعي بعلومه المختلفة، والتي تحجب أي إبداع أو تجديد في المناهج والقواعد والقضايا والمفاهيم، وتتلخص الإشكالات في نوعين:

الإشكال الكمي: المتجلي أفقيا في تراكم المصنفات في العلم الواحد والموضوع الواحد والقضية الواحدة.. إلخ، عبر طول حياة هذه الأمة ( أربعة عشر قرنا). وتتجلى عموديا في طول مادة التصنيف أو قصرها المخلّ، مما يعسر معه ضبط المراد منها، وفقه إعمالها والعمل بها.

الإشكال الكيفي: المتجلي في أصول النظر وقواعد الاستنباط والإعمال، وكذا المصطلحات الخاصة بها في مختلف العلوم (علوم الآلة ومناهج البيان والتفسير والتأويل، و أصول العقيدة والفقه وقواعد العمل بهما، و فقه العرفان والسلوك) ومسالك تصريفها في المجتمع، وتبرز مظاهر هذا الإشكال الكيفي باستكشاف ما يأتي:

1- كثرة الخلاف والاختلاف في مناهج النظر، وفي القضايا موضوع النظر؛ اعتبارا بقول الناظم:

وليس كل خلاف جاء معتبرا           إلا خلاف له حظ من النظر

2 – غلبة التقليد: مما أدى إلى ضعف آلة الاجتهاد ووسائله في المادة الشرعية والمعرفية عن تقديم أحكام أو أقيسة لمستجدات الواقع، وما أكثرها.

3 – كثرة الأحكام البيانية والفقهية والعقدية و السلوكية مما لا تقتضيها أوضاع هذا الزمان وأحوال أهله، ولا تستوجبه مقتضيات التلقي العلمي والمعرفي والعرفاني، وبخاصة إذا علم أن معظم الأحكام إنما هي وليدة أزمنتها (فقه العبيد والإماء، بعض مسائل الحسبة والقضاء، قضايا التأويل المختلف فيها، موجبات الإعجاز، وبعض مصطلحات فقه العبادات وفقه المعاملات وفقه السياسة الشرعية، وفقه المعارف الاجتماعية والنفسية).

أما الركيزة الثانية: فتتمثل في السعي إلى تأسيس منهج نقدي في علوم الشريعة وموضوعاتها وقضاياها وقواعدها عبر مراحل، يكون الهدف منه إبراز مكامن القوة العلمية والمنهجية في التراث الشرعي والمعرفي، ووسائل الاستثمار والتفعيل.

بناء على ما سبق؛ فإن فريق البحث “السنة والمعرفة” بتنسيق مع “مختبر المقاصد والحوار للدراسات والأبحاث” سيرا على ما رسماه من أهداف تهم تطوير مواهب الباحثين ومكتسباتهم العلمية والمعرفية، وترسيخ مبادئ التحليل والنقد والتجديد، فإنهما ينخرطان بهذا الموضوع في إطار ندوة دولية عنوانها:”مراجعات نقدية في الدراسات الشرعية والمعرفية: موضوعا ومنهجا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *