ورقة عمل لندوة علمية دولية بعنوان:
نحو إعادة التفكير في الحداثة
ينظمها مختبر المقاصد والحوار للدراسات والأبحاث (شعبة الدراسات الإسلامية)، وفريق بنيات وديناميات المجتمع (شعبة علم الاجتماع) كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة السلطان مولاي سليمان، بني ملال، المغرب، وذلك بشراكة مع مركز دراسات المعرفة والحضارة، بني ملال، تكريما لفضيلة الدكتور سعيد بنسعيد العلوي يومي ’30-31′ مارس 2020م بقاعة المحاضرات كلية الآداب بني ملال.
فكرة الندوة.
معلوم أن البحث في المفاهيم في مجال الدراسات الدينية أو الإنسانية والاجتماعية، من شأنه أن يوقفنا على كثير من الجوانب العلمية والتاريخية والمعرفية في تلك المجالات، إذ هي المحرك الأساس لمادتها، بل والحامل لها أيضا. بحيث يوقفنا تاريخ المفهوم على الظروف والملابسات العلمية وغير العلمية التي ظهر فيها، كما يدلنا على ما قد يعتري المفهوم من تطورات وتغيرات عند الاشتغال به، سواء في حقله الأصلي أو في الحقول الأخرى التي ينتقل إليها. فالمفاهيم مواليد تنمو وتكبر وتزدهر، وتضعف وتشيخ وتضمحل، ويجري عليها ما يجري على الكائن الحي من لحظة الميلاد إلى لحظة الوفاة.
ولا شك أن البحث الدقيق في تاريخ المفاهيم سيساعدنا على فهم التصورات التي تتحكم في التشييدات النظرية، وكذلك التطبيقات العملية التي نمارسها في الدراسات المعاصرة. كما أنه، لا ريب أن التحديد العلمي والدقيق للمفاهيم هو الذي يوفر الأرضية لخلق مساحات من الحوار والتواصل والتفاعل بين البيئات الحضارية والفكرية المختلفة. ذلك أن سوء فهم وإعمال المصطلحات والمفاهيم لدى أطراف الحوار أدى، ومازال يؤدي، إلى كثير من الخصومات الفكرية والصراعات المذهبية.
إن الفكر الإسلامي المعاصر يعاني هنا من إشكال خطير، يتجلى في المصطلحات والمفاهيم الوافدة، وبعبارة القدماء “الدخيلة” بمضامينها ودلالاتها الغربية؛ بل واحتلالها موقع الصدارة في التداول والاستعمال. بحيث هيمنت على كثير من المصطلحات والمفاهيم الذاتية التي أضحت لا تُعرَف ولا تُعرَّف إلا من خلال المعجم الغربي. وكان هذا من أسباب انخداع نخب كثيرة بإقبالها على استيراد المصطلحات والمفاهيم ومحاولة فرضها، دون فهمها ومعرفة سياقات بنائها.
ولعل من أبرز هذه المفاهيم مفهوم الحداثة، حيث إن الكثيرين ممن يتحدثون عنه لا يمتلكون إطارا يحددون به معنى للحداثة. فمفهوم الحداثة دخل على اللغة العربية للتماهي مع مصطلح الحداثة الذي ورد في التراث الأوربي بكونه حقبة تاريخية متواصلة ابتدأت في أقطار الغرب، فتبدلت على إثره حضارة أوربا بكاملها. ثم انتقلت آثارها إلى العالم بأسره.
لمناقشة إشكالية مفهوم الحداثة وما أثاره من أسئلة معرفية و منهجية في الثقافة العربية الإسلامية، جاءت فكرة هذه الندوة لفتح باب الحوار بين الباحثين والمشاركين وإنجاز نقد مثمر لخطاب الحداثة في الفكر العربي، على مستوى الأصول المؤسسة للخطاب الحداثي العربي، وأطره المرجعية ومنطلقاته الأيديولوجية وأدواته المنهجية.
كما يسر المختبر والمركز المنظمين لهذا النشاط، غاية السرور أن يكون ضيف هذه الندوة الدولية، واحدا من فرسان الفكر والمعرفة والفلسفة والأدب في عالمنا العربي المعاصر، المفكر والأديب المتميز الأستاذ الدكتور سعيد بنسعيد العلوي.
التعليقات