قراءات في كتب

قراءة في كتاب منظومة القيم العليا التوحيد و التزكية والعمران

قراءة في كتاب

منظومة القيم العليا التوحيد و التزكية والعمران

للدكتور حسن فتحي ملكاوي

 

ركزت أدبيات مشروع إسلامية المعرفة [1] على إعادة بناء الرؤية الإسلامية المعرفية القائمة على مقومات التصور الإسلامي السليم وخصائصه للوصول إلى نظام معرفي إسلامي قادر على الإجابة على الأسئلة الإنسانية الكلية وإنتاج النماذج المرجعية الضرورة دون تجاوز شيء منها وبناء قدرة ذاتية على النقد المعرفي الذاتي بشكل منهجي منضبط وفي الوقت نفسه يعطي القدرة على التوليد المعرفي المنهجي والتفسير المعرفي وفق قواعد منهجية إسلامية تقوم على منهج الاستمداد في ضوء المنهجية المعرفية القرآنية وعلى هدى منها ومن تم بناء منهج للتعامل مع الوحي المؤسس والتراث وفق هذه الرؤية .

ويأتي هذا الكتاب الذي بين أيدينا الموسوم ” بمنظومة القيم العليا : التوحيد و التزكية و العمران” [2] إسهاما من الدكتور فتحي حسن ملكاوي [3] في تنوير وربط القارئ بهذه المنظومة الثلاثية التي تعتبر “مبدأ عاما من مبادئ المنهجية الإسلامية[4] ومعايير وضوابط حاكمة لسائر المبادئ الأخرى للمنهجية سواء في مستوياتها الفكرية النظرية والاعتقادية العامة، أو في مستوياتها العملية الإجرائية للتفكير والبحث والسلوك”[5].

يوضح الدكتور في ثنايا مقدمته للكتاب أن هذه القيم العليا التوحيد والتزكية والعمران هي من اجتهاد شيخه الدكتور طه جابر العلواني [6] (رحمه الله) في رؤيته للهدي القرآني والمبادئ الكبرى التي يقود إليها هذا الهدي وهو ما قاده إلى صياغة ما سماه  “منظومة القيم الحاكمة ” ” ورأى ـ أي طه جابر العلواني ـ أن هذه القيم الثلاث تكون معا مرجعية مقاصدية لبيان غاية الحق من الخلق ومنظومة معيارية للقيم التي تنبثق عنها سائر القيم الرئيسة والفرعية في دين الله “[7] .

وإن اعترف المؤلف بفضل السبق لطه جابر العلواني في بلورة هذه القيم الحاكمة والناظمة لمختلف جهود الاجتهاد والتجديد المقاصدي والفكري فإنه يؤكد أن عمله في هذا الكتاب لا يقتصر على ما ذكره العلواني في مختلف كتاباته بل يتجاوز ذلك إلى التأكيد على أن المنظومة الثلاثية: التوحيد والتزكية والعمران، ليست فقط مقاصد حاكمة بل هي مبادئ وقيم اسلامية عليا وفي نفس الوقت هي قيم انسانية عالمية [8]. وهذه المبادئ والقيم الثلاث جاءت في هذا الكتاب بوصفها منظومةً من المعايير التي تتكامل فيما بينها في التأسيس، لرؤية كلية تحكم الوجود الإنساني في أدائه لوظيفة الخلافة في الأرض، وهي معايير توجِّه السلوك البشري أفراداً ومجتمعات، وتبني الحضارة الإنسانية في جوانبها المادية والمعنوية، وترشِّدُها بهداية الوحي الإلهي، والأسوة النبوية[9]

كما اشار صاحب الكتاب أن مادة هذا الكتاب وموضوعه وإن كانت عبارات الدكتور طه جابر العلواني التي رددها في كثير من كتبه فإنه لم يفصل فيها التفصيل الذي يفي بالغرض وفي هذا الصدد يقول ” لقد كانت مادة هذه الفصول في الأساس هوامش على عبارات الدكتور طه العلواني الخاصة بمنظومة القيم العليا: التوحيد والتزكية والعمران، التي ردَّدها في كثير مما كتب، لكنَّه لم يُفَصِّل فيها تفصيلاً يشفي الغليل . فإليه بعد فضل الله سبحانه، يعود الفضل في إثارة فضول المؤلف للتفكير والكتابة في الموضوع”.[10]

وإذا تتبعنا محتويات الكتاب فسنجد أن المؤلف قسم الكتاب الى فصول ثلاث خصص كل فصل لقيمة من القيم الثلاث العليا التوحيد والتزكية والعمران بالإضافة إلى مقدمة وخاتمة وسلك المؤلف ـ  الدكتور ملكاوي ـ   فيها  ـ أي في فصول الكتاب ـ منهجية محددة تقوم على اعتماد القرآن الكريم مرجعية أساسية في الحديث عن كل واحدة منها، مع إضافات محدودة من الحديث النبوي الشريف، لا سيما ما ورد في صحيحي البخاري ومسلم. وفي حالات نادرة من كتب الحديث الأخرى، إذ لا يكون في معنى الحديث مشكلة. ومع ذلك فقد كان من المناسب التعرض لجهود بعض العلماء في تناول هذه القيم. والهدف من اعتماد المرجعية القرآنية أساساً لفهمنا لمنظومة القيم هذه هو التأكيد أنَّ هذه المرجعية تكفي وتفي بما يلزم من عرض ومعالجة[11].

ومن المفيد أن نقف بعض الوقفات عند شيء من مضامين هذا الكتاب حتى يأخذ القارئ لهذه السطور نظرة عامة عن الكتاب وفصوله والتي لا تغنيه طبعا عن قراءته و استجلاء مضامينه عن قرب وسنقف عند كل فصل من فصول الكتاب الثلاث .

الفصل الأول : خصصه المؤلف للحديث عن التوحيد باعتباره الأساس الأول في منظومة القيم العليا وينبه الدكتور ملكاوي أن التعامل مع عناصر منظومة : التوحيد والتزكية والعمران بنظرة تكاملية متداخلة لا يعني أنها في مستوى واحد من الاهمية إذ يبقى التوحيد  يقول الدكتور ” التوحيد رأس الأمر كله في الإسلام، فبه يتقوَّم جهد الإنسان في الدنيا وجزاءُه في

الآخرة. فالتوحيد كان دائماً أساس الدين عند الله، ورسالة الله إلى الأنبياء والرسل أجمعين ( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبون) الانبياء 25

ويؤكد الدكتور ان دلالة التوحيد لا تقتصر عند تحقق مقتضيات الإسلام والإيمان بل تعرج بالمؤمن إلى مقامات الإحسان، فينطلق العقل والقلب و القلب والجوارح في مراتب التزكية وفي أبواب الخير للتطهر من شبهات الشرك في الاعتقاد أو السوك [12]

واعتمد الدكتور في دراسة موضوع التوحيد بوصفه قيمة حاكمة كبرى على صورة التوحيد كما اسس لها الوحي من خلال النصوص المرجعية في القرآن الكريم وفي السنة النبوية المطهرة كما تتبع بعضا من صور معالجته في تاريخ الامة الاسلامية وخلص في الاخير إلى شمولية قيمة التوحيد في أبعاده النفسية والاجتماعية والواقع الانساني عامة في أبعاده المختلفة.

وفي معرض رده على بعض النظريات ـ وخاصة منها الأنثروبولوجيا ـ في تفسيرها لظاهرة الدين يؤكد المؤلف اصالة الدين في الحياة البشرية منذ فجر التاريخ ويقول ” لكنَّ المرجعية الإسلامية التي يقرِّرُها القرآن الكريم والسنة النبوية حاسمةٌ في أنَّ التوحيد كان جوهر العقيدة منذ خُلقَ آدمُ أبو البشر، وأنَّ أبناء آدم من بعده كانوا ينسون عقيدة التوحيد، وتختلط معتقداتهم بالأوهام والأساطير، فكانت سنَّة الله سبحانه أن يرسل إليهم أنبياء ورسلاً، يحاولون إعادة الناس إلى الإيمان بالله وحده والالتزام بعبادته، وفق ما شرع”.[13]

وفي تتبع دلالة لفظة التوحيد في القرآن والسنة  خلص إلى أن طرق التعبير عن التوحيد انطلاقا من النصوص المرجعية تأتي مرة معبرة باللفظ المباشرة الدال على التوحيد كالأحد والواحد وتارة اخرى بصيغة الدلالة الحصرية ـ لا إله إلا الله ـ  وأخرى بنفي التعدد (لا تتخذوا إلهين اثنين) أو نفي الشرك (لا شريك له) أو بصيغة الاسماء الحسنى والصفات العليا (عالم الغيب ، غافر الذنب …) وبأسلوب التنزيه : تنزيه الله تعالى عن النقص أو المماثلة (ليس كمثله شيء) .

وفي ختام حديثه عن دلالة لفظة التوحيد في القران والسنة يقول منبها إلى ضرورة استحضار البعد النسقي في بناء المفهوم انطلاقا من الوحي المؤسس و التحذير من والوقع في النظرة التجزيئية لنصوص الوحي” ومع ذلك فإنه قد يكون من المناسب أن نؤكد أنَّ قَصْر آيات قرآنية محددة أو أحاديث نبوية محددة، على دلالة معينة هو اجتهاد بشري يصيب ويخطئ، فالقرآن الكريم في مجمله كتاب هداية عامة، تتكامل آياتُه وسُوَرُه في وحدة بنائية؛ لتحقيق هذه الهداية، ويكون للآية الواحدة دلالة في ضوء المعاني الكلية، ولا بد من الحذر من أخذ القرآن أجزاءً وتفاريق.[14]

وللتمييز بين المستوى الشرعي والمستوى الاصطلاحي التاريخي للتوحيد ميز المؤلف بين التوحيد وعلم التوحيد حتى ينبه القارئ إلى ضرورة تجاوز هذا الخلط الذي ورثناه والذي شوه كثيرا من المعاني بل المعاني الدينية، واعطى تنزيها وقدسية لكثير من المعاني  والمفاهيم التراثية، فمع اهمية المصطلح التراثي وكونه تعبيرا عن اجتهاد ودينامية العقل المسلم لابد من الانتباه إلى أنها اصطلاحات مدرسية تنتمي إلى فرع علمي معين تفهم بحسبه، لكن لا ينبغي أن يحتل هذا الاصطلاح كل مساحة الدلالة الشرعية التي الأصل فيها الكلية والاستيعاب والإطلاق، فالفقه في اصطلاح المدارس الفقهية لا يعني إلا جزءا من مفهوم الفقه في الاستعمال القرآني والنبوي العام، والسنة في اصطلاح المحدثين والأصوليين والفقهاء ليست إلا جزءا من الاستعمال القرآني والنبوي العام وقل مثل ذلك على مفهوم الإيمان والتوحيد كما شاع في المدارس الكلامية والتزكية في المدارس الصوفية.[15]

وبين الدكتور ملكاوي الفرق بين التوحيد وعلم التوحيد ـ( علم الكلام ، الفقه الاكبر ، علم اصول الدين) من حيث الموضوع فيقول:

” فموضوع التوحيد إيمان، وعمل بمقتضى الإيمان؛ فهو بذلك عقيدة يعتنقها المسلم، وشريعة تنظم حياته؛ وهو تصور ورؤية للوجود، وحياة واقعية على هدي هذا التصور. وعناصر موضوع التوحيد ثابتة لا تتغير، فهي محدودة في عددها، ومحدَّدة في دلالاتها، تصلح للصغير والكبير، وللعالم المتبحر والمتعلم المبتدئ، وشواهدها في الهديين:  القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، يتم تلقيها منهما بطريقة مباشرة . أما علم التوحيد، فيختصَّ بالطرق والمناهج التي تناول فيها العلماء هذا الموضوع. فقد اختلف العلماء والباحثون -قديماً وحديثاً- في مناهج تناولهم موضوع التوحيد اختلافاً كبيراً، وتجلَّى هذا الاختلاف في ظهور عناوين متعددة لعلوم تتناول هذا الموضوع، منها علم التوحيد، وعلم الإيمان، وعلم العقيدة، وعلم الكلام، وعلم أصول الدين، والفقه الأكبر، إلخ [16].

واستعرض الكتاب مراحل نشأة علم التوحيد انطلاقا من أوائل القرن الثاني الهجري مرورا بمرحلة النضج والاكتمال في القرن الثالث والرابع والخامس وفي القرن السادس والسابع والثامن عرف مرحلة التبويب والترتيب لما تم انجازه في المرحلة السابقة ثم بعد ذلك هذا العلم مرحلة الجمود والتقليد ابتداء من القرن التاسع  وصولا إلى القرن الثالث عشر، إذ عرفت هذه المرحلة في معالجتها لمختلف العلوم ومنه علم العقيدة بالاختصار والشرح وعمل الحواشي والمنظومات، ومنذ قرن من الزمان بدأت تدب في علم العقيدة حركة بعث وتجديد ، وذكر في كل مرحلة أبرز من ألف في هذا العلم.[17]

ويمكن اجمال ما تميز به هذا العلم في المرحلتين الأوليتين أنه لا يكتفي بعرض رؤية المؤلف للتفكير الاسلامي في مسائل الاعتقاد بل يستعرض الرؤى المختلفة والمخالفة ـ ولاسيما الفرق الكلامية والمذاهب والنظريات الفلسفية في جانب الاعتقاد ـ  ويرد عليها بأسلوب جدلي معتدل أحيانا أو ومغال فيه كما عند الفخر الرازي في “المطالب العالية” الذي نحى منحى التعقيد في الجدل والمناقشة والتفريع والتبويب وهو ما حمله على الاعتراف بتعقيد المسألة وصعوبتها، وهذا المسلك الذي نحاه الرازي وغيره في مناقشة مسائل الاعتقاد انتقده الدكتور قائلا “: مثل هذه المنهجية التي سلكها الرازي جعلت من موضوع التوحيد عِلْماً مُعقَّداً، وأدخلته في مسائل الفلسفة وعلم الكلام على طريقة اليونانيين”[18] .

ومنهم من نحى منحى البساطة في عرض مسائل الاعتقاد كمحمد بن عبد الوهاب في كتاب “التوحيد الذي هو حق الله على العبيد” ومحمد عبده في رسالته ” التوحيد ” ولم يكتفي محمد عبده بنهج منهج السلف في عرض مسائل العقيدة بل أكد أهمية إصلاح العقيدة الجامعة للأمة الإسلامية وعلى أهمية العقل الإنساني في فهم العقيدة من خلال النظر والتدبر في آفاق الوجود المادي والاجتماعي.[19] واستفاض المؤلف في عرض رؤية الشيخ محمد عبده الاصلاحية للعقيدة ومسائلها وأثرها الكبير في أعمال تلاميذه ومن جاء بعدهم من الكتاب المعاصرين أمثال عبد المجيد النجار ورواد مشروع إسلامية المعرفة وخاصة إسماعيل راجي الفاروقي (توفي 1986 م) في كتابه ” التوحيد وتطبيقاته في الفكر والحياة” وعرض الدكتور ملكاوي بشيء من التفصيل رؤية الفاروقي للتوحيد وهذه الرؤية كما ذكر الدكتور تحاول “ربط العقيدة بكل وجوه الحياة، ومختلف ألوان النشاط الاجتماعي والفكري الإنساني من السياسة إلى الفنون… ويمكن النظر إلى هذا الكتاب على أنَّه إحدى المحاولات المعاصرة الجادة التي أخذت على عاتقها مهمة تجديد علم الكلام، وإعادة تفعيله، وربطه بحركة التاريخ، وبالأشواق الحضارية المشروعة للمسلمين في العصر الحديث، دون التنازل عن المنهجية العلمية الرصينة المطلوبة في مثل هذه الدراسات… وهدف الكتاب هو تقديم رؤية للوجود تعين الشباب المسلم على السير في طريق الإصلاح الحقيقي، وتحليل مفاهيم الإسلام؛ لتكون معياراً لبرامج الإصلاح.”[20]

وبعد عرضه لتجليات التوحيد كما قدمها الفاروقي في كتابه  سواء في النظام المعرفي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والجمالي خلص غلى تقرير نتيجة مفادها أنه  قد آن الأوان أن يعود علماء المسلمين بالتوحيد إلى بساطته الأولى، معتمدين في ذلك على الأثر العميق الذي يحدثه الخطاب القرآني والهدي النبوي في النفس الإنسانية.

 الفصل الثاني : خصصه الدكتور للتزكية بوصفها مفهوما مركزيا من المفاهيم القرآنية ولبيان أهمية التزكية في هذا النسق القيمي والمفاهيمي يقول : “والتزكية مصطلح ومفهوم قرآني أساسي، يتخذ موقعاً مهماً ضمن منظومة القيم القرآنية؛ فالتزكية موضوعها الإنسان المستخلف، وهو موضوع الإصلاح في الواقع الإنساني. إصلاح الفرد والجماعة والأمة. والإنسان مادة وروح، والتزكية تشمل المادة والروح. وأي حديث عن قضايا الإصلاح لا معنى له إلا إذا تعَّلق بالإنسان، واستهدف ترقيته في مراتب التزكية. والتزكية هدف العمران ووسيلته، فهي ليست مسألة مشاعر وخلجات وخواطر نفسيه، مقصورة على مستوى الإصلاح الفردي، بل تدخل في صميم البناء الاجتماعي والعمران البشرى”.[21]

وعالج الكاتب موضوع التزكية من خلال تتبع دلالاته في الوحي المؤسس وموقعها في مدارس الزهد والتصوف والجهاد ليختم بأساليب التزكية ومعيقاتها. وفي تتبعه للفظة التزكية ومشتقاتها في القران الكريم يقول ” وردت مشتقات زَكَوَ وهو الأصل الثلاثي من لفظ التزكية تسعاً وخمسين مرة، منها: زَكَى، وزكَّى، ويُزَكِّى، وأزْكى، وزكياً، وزكاة، وازَّكى الخ…، ومنها اثنتان وثلاثون مرة بلفظ الزكاة، أي زكاة المال على وجه التحديد، بمعنى التطهير والبركة والنمو، وأربع مرات بمعنى المدح والثناء، وأربع مرات بوصف التزكية واحداً من مقاصد الوحي الأربعة، وبقية الآيات تتحدث عن مجالات مختلفة من التزكية بمعاني: التطهير والترقية والتنمية والزيادة في الحسن والنفع “[22]. وقسم المؤلف مدلولات الفاظ التزكية في القران الكريم إلى قسمين : اولهما : تزكية مذمومة : وهي مدح الانسان لنفسه أو غيره وثانيها : تزكية محمودة : وتشمل تزكية المال، وتزكية النفس، وتزكية الله للإنسان، و أنها من مهام الرسل. كما بين أن التزكية في ألفاظ الحديث النبوي لم تخرج عن الدلالات القرآنية.[23]

يحيلنا المؤلف مرة اخرى إلى الإشكالات التي صاحبت الفكر الإسلامي ردحا من الزمان في مجال التعامل مع المفاهيم كما أسسها الوحي و في تغير مدلولاتها انطلاقا من اصطلاحات المدرسية، والتزكية بوصفها مفهوما مركزيا في الرؤية القرآنية، فإنه كغيره من المفاهيم تعرض للتغيير والتبديل ولعل أول من انتبه الى هذا الانحراف في الالفاظ كما أسس لها الوحي الإمام أبي حامد الغزال (ت 505هـ) حيث أشار أن منشأ التباس العلوم المذمومة بالعلوم الشرعية تحريف الأسامي المحمودة  وتبديلها ونقلها بالأغراض الفاسدة الى معان غير ما أراد السلف الصالح والقرن الأول وذكر من ذلك خمسة الفاظ هي الفقه والعلم والتوحيد والذكر والتذكر والحكمة.. وحاول الغزالي رد كل لفظ الى معناه الاصلي الذي كان يدل عليه دلالة شاملة  وعامة، ثم ذكر ما طرأ عليه بعد ذلك من معان في استعمالات المتأخرين عن طريق ما يسميه :(التصرف بالتخصيص).[24]

ولعل العوامل الداخلية تأويلا أو تحويلا و تحريفا في الفهم والاستعمال لمصطلح التزكية في تراثنا دورا بارزا في حدوث الخلط بين التزكية بمفهومها القرآني المطلق والمستوعب والمستمد من خصائص الوحي في نسقيته وصدقه وهيمنته وعمليته وواقعيته ، ولئن كان دور هذه العوامل الداخلية على نحو ما ذُكر، فإن دور العوامل الخارجية لا يقل خطرا في صنع هذه الازمة وتعميق مشكلاتها، والمراد بالعوامل الخارجية و المصطلحات والمفاهيم الوافدة المعبر عنها في تراثنا بالدخيلة أو المنقولة [25]  واقصد هنا مصطلح التصوف بوصفه مصطلح منقول أو مدخول[26]

وفي هذا يقول الدكتور ملكاوي “لكن التصوف ليس ظاهرة مقصورة على التدين في المجتمع الإسلامي، فقد ظهر في تاريخ الأديان والفلسفات الأخرى، عدد من الشخصيات التي اختارت مذهباً في السلوك النفسي والاجتماعي، عرف بالتصوف الفلسفي أو العرفان، ودخلت فيه نظريات غريبة عن التصورات الدينية الإسلامية، مثل الإشراق والفيض ووحدة الوجود وغيرها، وهي في مجملها نظريات تُخْضِعُ المشاعرَ والمواجد النفسية للمعايير العقلية، أو تُحيلها إلى أوهام الرؤى والأحلام في المنامات. وقد تأثر بعض علماء التصوف الإسلامي بهذه النظريات، فاضطر علماءُ التزكية المسلمون إلى أن يتحدثوا عن تصوف سني منشود، يقابل التصوف الفلسفي المرفوض”[27].

استعرض الدكتور في ثنايا هذا الفصل مختلف النظريات ومذاهب التصوف في مقاربتها لهذا الموضوع وما انتجه علماء هذا العلم من ألوان الأدب و الزهد الذي ازدحم بمصطلحات خاصة منها ثلاثيات التخلي والتحلي والتجلي وثلاثية الشريعة والطريقة والحقيقة، ولم يكتفي المؤلف بعرض هذه التصورات بل كان يرد عليها محولا ربطها بالمفهوم المؤسس كما جاء في نصوص الوحي وفي هذا يقول ” لكن الأمر أخذ بعد ذلك صوراً من التجمع في فئات محددة يقوم أفرادها بالالتزام بتعليمات قيادة محددة، وأنماط من السلوك المحدد، في مجالات العبادة والذكر، وفي مجال العلاقات بين أفراد الجماعة، وانتهي إلى استخدام مفردات ومصطلحات خاصة، قد يكون لها في الظاهر العام دلالات معينة، ولكن لها دلالات أخرى في الباطن الخاص بالجماعة أو بشيخ الجماعة. ومثال ذلك ما عرف في بعض نظم التصوف بالمنظومة الثلاثية: (التخلي، والتحلي، والتجلي). فإذا كان التخلِّي يعني ضرورة الإقلاع عن الآثام، وكان التحلِّي ضرورة الأخذ بالصفات الفاضلة، فإن ممارسة التخلي والتحلي إلى مستوى معين يمكن أن حالةً من الشفافية الروحية، والرفعة الوجدانية، ” المريد السالك ” يدخل فيه يسمونها التجَّلي، حين يستشعر السالك فيها تجلّي الحضرة الإلهية عليه.”[28]

وخلص الدكتور إلى أن مجالات التزكية تأخذ بعدا شموليا : تزكية النفس، وتزكية المشاعر، وتزكية المال، وتزكية الفرد وتزكية الأمة، كما أشار إلى بعض وسائل التزكية منها القران الكريم و الذكر والفكر وصحبة الصالحين معتمدا في ذلك رؤية القران الكريم والسنة النبوية في بناء مفهوم التزكية وفي هذا يقول ” وهكذا فإنَّ المرجعية القرآنية في الحديث عن التزكية قد أشبَعَتْ بيانَها، وأظهَرَتْ قيمتَها، وحددَّت مجالاتِها ووسائلَها؛ فالتزكية في القرآن تكون للفرد: لمشاعر نفسه، وخلجات قلبه، وسلوك جوارحه. والتزكية تكون للجماعة والأمة؛ فالنبي المبعوث للأمة يزكيها، يزكي علاقات الناس، وأنظمة الحياة. وتكون التزكية للمال، فزكاة المال تطهير، وبركة، وتنمية، لمال الفرد ومال المجتمع. وقد أفلح من الناس من تزكَّى، حين يتفضل الله عليه بالتزكية، ومن حرم من تزكية الله له، فإن تزكيته لنفسه، وتزكية الناس له لا تنفعه فتيلاً، وقد تضره كثيرا”.[29]

الفصل الثالث : تطرق فيه الدكتور ملكاوي إلى العمران بوصفه القيمة والمبدأ الثالث المؤسس لمنظومة القيم الاسلامية العليا ومفهوما مركزيا في المنظومة المفاهيمية التي أسس لها الوحي وفي بيان أهمية العمران في المنظومة الثلاثية:  ( التوحيد ، التزكية ، العمران) يقول الدكتور :”. وسيكون حديثنا عن العُمران من منطق “الفقه” بقيمة العمران و علاقة هذه القيمة بالحياة التي يريدها الله للإنسان، فهو الفهم المنشود لخطاب الله سبحانه المتعلق بأفعال الناس الذين تَوجَّه الخطاب إليهم، من حيث بيان ما يريده بهم ويندبهم إليه، أو يحرِّمُه عليهم وينزِّهُهُم عنه. فالعُمران إذن قيمة تحدِّد فقه العمل في الحياة الدنيا، ولا سيَّما عمل المجتمع، المتعلق بنظم الإدارة والرعاية لشؤون الناس بتيسير سبل الحياة لهم، ورفع الحرج والمشقّة عنهم. وكما يتجلى فقه العُمران هذا في الجوانب المادية لحياة المجتمع، من أبنية وطرق، وزراعة وصناعة، يتجلّى كذلك في الجوانب المعنوية لحياة المجتمع في استتباب الأمن، وإقامة العدل، وممارسة الشورى؛ فيكون شأن الخاصة من الأغنياء والحكام هو السهر على مصالح الناس والرحمة بهم، ويكون شأن العامة من الناس الدعاء للأغنياء والحكام بالخير ومزيد من البركة، والقوة[30].

وسيرا على نهج المؤلف في كتابه فقد تتبع دلالات مفهوم العمران في مختلف آي القران الكريم وبعد استعراضه لهذه الدلالات خلص قائلا :” وعلى هذا يأتي العُمران في اللفظ القرآني بعدد من المعاني المتداخلة التي تمثل حقلاً دلالياً، تتكامل دلالاته، فهو يعني: حالة الحياة، والإقامة والسكنى والبناء في المكان، ويعني العمران المادي، والعمران الثقافي والفكري”.[31]

ويمكن اجمال دلالات العمران في القران الكريم وفق ما توصل إليه الدكتور ملكاوي في أربع دلالات كبرى وهي :

1ـ الحياة، حياة الإنسان الفرد، وحياة الأمة بحضورها الفاعل، والحياة البشرية في الدنيا ويقابلها موت الفرد والغياب الحضاري للأمة، أو الاندثار نهائيا وبدء الحياة الآخرة.

2ـ التوطن في المكان (المدن والقرى) والإقامة فيه وبناء البيوت المعمورة الكوكب المسكون بالبشر، يقابله التنقل وحالة الرحيل الدائم، أو غياب الناس عن المكان أو خرابه.

3ـ العمران المادي؛ تشييد المباني والقصور وشق الطرق وإقامة الجسور وتطوير ووسائل الانتقال والزراعة والصناعة والتجارة يقابله الأرض المعطلة عن الإنتاج، والأيد المعطلة عن العمل، والعجز والمرض والفقر.

4ـ العمران الثقافي والفكري: تطوير العلوم وبناء المؤسسات، وسن القوانين والأنظمة ونشوء الثقافات وقبول الخضوع لسلطة الإدارة والحكم، ويقابله سيادة الجهل والأمية، والفوضى والفساد والاستبداد.

وهذه الدلالات الاربع التي فصل فيها المؤلف هي نفسها الدلالات التي وردت في السنة النبوية.[32]

ولم يفت المؤلف في تناوله لمفهوم العمران أن يتطرق بشيء من البيان ماهية العمران الخلدوني  بوصفه رائد ” فقه العمران ” أو ما سماه هو بالعمران البشري وتأكيدا لريادة بن خلدون في وضع اللبنات الأولى لهذا العلم يقول الدكتور ملكاوي ” وقد أعلن ابن خلدون ولادة علم العمران، وتخطيط منهجيته، داعياً من يأتي بعد لاستكمال البحث في موضوعاته وقضاياه.”[33]

وعن هدف وغايات هذا العلم يقول الدكتور ناقلا كلام بن خلدون في مقدمته والهدف من هذا العلم هو تحويل غاية المؤرخ من سرد الأخبار، وتصيد الغرائب، إلى وضع قانون ” في تمييز الحق من الباطل في الأخبار والصدق  من الكذب بوجه برهاني لا مدخل للشك فيه” ومن ثم إنشاء علم جديد يستقل  فيه بموضوعاته عن التاريخ، ويستقل كذلك عن العلوم الأخرى.[34]

وفصل الدكتور ملكاوي في بيان الفرق بين دراسة بن خلدون وفهمه للتاريخ و الاجتماع البشري عن غيره من المفكرين الذين سبقوه مثل ( أفلطون وارسطو والفرابي) إذ أن تصورهم طغى عليه الجانب النظري ولم يقترب من الواقع والطبائع الاجتماعية في حياة البشر لن همهم كان هما غائيا معياريا يحدد ما يجب أن يكون عليه المجتمع ، في المقابل فإن ابن خلدون قد اعتمد في دراسته للمجتمع على ما يحدث في المجتمع فعلا .. مع أنه لم يغفل الجانب الغائي و المعياري ولكن ليس في إطار نظرة فلسفية مجردة ، بل في إطار الهدي الالهي كما فهمه من القرآن الكريم.

لكن الميزة الأكثر أهمية في فهم ابن خلدون للعمران البشري تأكيده المتكرر ألا سبيل إلى فهم طبيعة العمران دون فهم قوانين الاجتماع الإنساني وطبائع هذا الاجتماع، لأنَّ ما يحدث فعلاً إنما يكون وفق سنن تشبه سنن الكون الأخرى، التي تجري في عالم الأشياء المادية، لذلك لا بد من دراسة الأحداث والوقائع الاجتماعية وفق منهج منظم، لا يتجاوز الوقائع والطبائع .[35]

ولا تغيب العلاقة بين العمران والحياة في تحليلات ابن خلدون، حياة الأفراد وحياة المجتمعات وحياة الدول، فهو يتحدث عن أركان ثلاثة للعمران البشري على هذه الأرض: الركن الأول هو تقوى الله، وهو حياة للقلب بتزكية النفس من الأهواء والشهوات، والركن الثاني هو السعي في الرزق، وفيه حياة المجتمع بالتعاون والتكافل والتكامل، لأنَّ الإنسان لا يستطيع بمفرده أن يستجمع متطلبات المعيشة والأمن. أما الركن الثالث فهو العدل في الحكم، وهو حياة الدولة بالعصبية واستجماع متطلبات السلطان.[36]

وفي خاتمة الكتاب أكد الدكتور فتحي حسن ملكاوي أن هذه المبادئ والقيم العليا تشكل نسقا متداخلا يتكامل في تحديد الإطار المرجعي للمنهجية الإسلامية في التفكير والبحث والسلوك. هكذا نجد أنَّ التوحيدَ قيمةٌ معيارية عليا تختصّ أساساً بالرؤية الإسلامية للإله الخالق المدبِّر، وتُقوَّم بها معتقدات الإنسان، ونتائج هذه المعتقدات وآثارها في فكر الإنسان وحياته؛ وأنّ التزكيةَ قيمةُ معيارية عليا تختصّ بالرؤية الإسلامية للإنسان المخلوق المستخلف، ويُقَوَّمُ بها سلوك الإنسان وجهود ترقيته في مراتب التزكية في جسمه وعقله وقلبه، وفي سلوكه وتصرفاته، وفي ماله وممتلكاته، وفي أنظمته وعلاقاته في حياة الفرد والمجتمع؛ وإنَّ العُمرانَ قيمةٌ معيارية عليا تختصّ بالرؤية الإسلامية لوظيفة الإنسان في الكون المستخلف فيه، وتقاس بها الحياة في عُمُر الإنسان الفرد، أو عُمُر الجماعة أو الأمة، وسائر الجهود ” قيمةُ ” للفرد أو الجماعة أو الأمة. ” العُمرانية” والإنجازات الحضارية.[37]

الهوامش: ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] خصص الدكتور طه جابر العلواني رحمه الله ، كتابه ” إسلامية المعرفية بين الأمس واليوم ” للحديث عن حقيقة هذا المشروع والمحاور الكبرى التي يرتكز عليها وفي هذا يقول ” وقد استقر في فكر مدرسة إسلامية المعرفة منذ انشائها أنها رؤية منهجية معرفية وليس حقلا علميا دراسيا أو تخصصا أو ايديولوجيا أو نحلة جديدة ولذلك فهي تسعى دائما في قضايا المعرفة والمنهج إلى التجدد و التبلور واكتشاف الذات والواقع …إنها منهج في التعامل مع المعرفة ومصادرها، أو منظور معرفي في طور البناء والانضاج والكشف والنمو والاختبار” ص9. ط1 العدد 21 من سلسلة اسلامية المعرفة 1996 م / 1417 هـ

   ـ أنظر أيضا الفصل الخامس عشر ـ لماذا إسلامية المعرفية ؟  ـ من كتابه “نحو منهجية معرفية قرآنية” ط 1  2004 م / 1435 هـ  دار الهدى من إصدارات مركز دراسات فلسفة الدين في بغداد  ص 375 وما بعدها.

 وراجع مقدمة كتاب ” منهجية التكامل المعرفي مقدمة في المنهجية الإسلامية”  لفتحي حسن ملكاوي ، من إصدارا ت المعهد العالمي للفكر الإسلامي طبعة المغرب 2012 م (طوب بريس)  ص13  

[2] من إصدارات المعهد العالمي للفكر الإسلامي الطبعة الاولى عام 1434 هـ /   2013 م  لمؤلفه الدكتور فتحي حسن ملكاوي هو كتاب يقع في 183 صفحة من الحجم المتوسط . وهي الطبعة المعتمدة في هذه القراءة

[3] الدكتور فتحي حسن ملكاوي هو تربوي و أستاذ جامعي أردني. دكتوراه في التربية العلمية وفلسفة العلوم من جامعة ولاية ميتشغان الأمريكية، وماجستير في علم النفس التربوي، وبكالوريوس في الكيمياء والجيولوجيا. عمل في التعليم العام مدرساً ومشرفاً تربوياً ومشاركاً في وضع المناهج وتأليف الكتب المدرسية، من 1966-1978. ثم عمل في التعليم الجامعي من 1984-1996، وهو أستاذ زائر في أكثر من عشرين بلداً في آسيا وأفريقيا وأوروبا وأمريكا.  ألف وشارك في تأليف خمسة وعشرين  كتاباً في التعليم المدرسي والجامعي في موضوعات العلوم ومناهج البحث، ومن أحدث منشوراته:

     ـ منهجية التكامل المعرفي: مقدمات في المنهجية الإسلامية منشورات المعهد العالمي للفكر الإسلامي 2011، والترجمة الإنجليزية 2013.

     ـ  منظومة القيم العليا الحاكمة: التوحيد والتزكية والعمران، منشورات المعهد العالمي للفكر الإسلامي 2013.

     ـ  البناء الفكري: مفهومه ومستوياته وخرائطه، منشورات المعهد العالمي للفكر الإسلامي 2015

ـ انظر كتاب منهجية التكامل المعرفي مقدمات في المنهجية الإسلامية من إصدارات المعهد العالمي للفكر الإسلامي الطبع طوب بريس ـ الرباط  / 14342012. 

[4]  وللوقوف على دلالة مفهوم المنهجية الاسلامية راجع الفصل الثاني من كتاب ” منهجية التكامل المعرفي: أساسيات في المنهجية الإسلامية” للدكتور ملكاوي ص 71

[5] المرجع نفسه ص250

[6] انظر الفصل الخامس ـ المقاصد الشرعية العليا الحاكمة ـ من كتاب “مقاصد الشريعة” لطه جابر العلواني ، ط 1  1421  هـ/ 2001 م دار الهدى للنشر والتوزيع ص 135 .

[7] ملكاوي : منظومة القيم العليا ص 12 

[8] المرجع نفسه ،وتأكيدا على ذلك يقول الدكتور ملكاوي ”  ومع أن هذه القيم الثلاث هي القيم العليا في الإسلام، فإنها في الوقت نفسه قيم إنسانية عالمية، سواءً في منطق المؤمنين بالله الواحد من أتباع الرسالات، أو في منطق دعاة التقدم والنهوض الحضاري على مستوى المجتمعات الإنسانية، أو على الساحة العالمي وتأكيد الصفة الإنسانية العالمية لهذه القيم لا ينفي أن صور تمثلها لدى أبناء الأديان الأخرى والحضارات تتلون برؤى العالم التي تعتمدها هذه الأديان أو الحضارات، ومع أنَّ النصرانية واليهودية تعدّان من الديانات التوحيدية، فإنّ التوحيد فيهما قد اختلط بأنواع من الشرك، كما نسب إلى الله الواحد سبحانه ما لا يليق به من الصفات. ومع أن بعض دلالات التزكية والعمران نجدها في الحضارات الأخرى، بما في ذلك الحضارة الغربية المعاصرة –ربما تحتاج عناوين متعددة- فإنَّ النظريات النفسية، والتربوية، والاجتماعية السائدة قد لوَّثت تلك الدلالات بألوان من الانحراف والتحيّز والفسا”د. ص 16.             

[9] المرجع نفسه ص 17 وقد ذكر المؤلف هذه المبادئ الثلاث في الفصل السابع من كتابه منهجية التكامل المعرفي وبينها من جهة بوصفها مبادئ تحكم التفكير المنهجي، والبحث المنهجي، والسلوك المنهجي.  

[10] المرجع نفسه ص 19

[11] المرجع نفسه ص16

[12] المرجع السابق ص 24

[13] المرجع السابق ص 25

[14] المرجع السابق ص 35

[15] راجع كتابي ” المصطلحات والمفاهيم في الثقافة الإسلامية بين البناء الشرعي والتداول التاريخي من اصدارات مركز دراسات المعرفة والحضارة ط3 1438 هـ / 2017 م ص28 و 29 وكتاب ” الاجتهاد والتجديد في الفكر الاسلامي المعاصر دراسة في الاسس المرجعية والمنهجية” للدكتور سعيد شبار، من اصدارات المعهد العالمي للفكر الاسلامي ط1 2007

[16] ملكاوي ، منظومة القيم العليا ص 36 و 37 

[17] المرجع السابق ص 38 و 39

[18] المرجع السابق ص 42

[19] المرجع السابق ص 44

[20] المرجع السابق ص 48 و 49 راجع في ذلك الباب الاول ـ مراجعات في الفكر العقدي ـ  من كتاب مراجعات في الفكر الإسلامي للدكتور عبد المجيد النجار

[21] المرجع السابق ص 81

[22] المرجع السابق ص 82

[23] المرجع نفسه ص 94

[24] راجع في ذلك كتاب المصطلحات والمفاهيم في الثقافة الإسلامية بين البناء الشرعي والتداول التاريخي للدكتور سعيد شبار ص 32 و 33 و34

[25] المرجع السابق ص 101

[26] هي عبارة المفكر طه عبد الرحمن الذي يكاد ينفرد بمصطلح يجعل “المنقول” من الغير مقابلا “للموصول”،  و “المدخول” مقابلا ل “المكمول”  الذي لم يدخله عنصر خارجي.

[27] ملكاوي ، منظومة القيم العليا ص 98

[28] نفسه ص 100

[29] نفسه ص 121

[30] المرجع السابق ص 127

[31] نفسه ص 131

[32] نفسه من الصفحة 37 إلى الصفحة 47

[33] نفسه ص 149

[34] نفسه ص 149

[35] نفسه ص 151

[36] نفسه ص 152

[37] نفسه ص 169

التعليقات

اظهر المزيد

أ. محمد حافظ

باحث مغربي، يعمل حالياً أستاذاً للثانوي التأهيلي، مادة التربية الاسلامية / بني ملال، له مقالات ودراسات منشورة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *