تجديد الفقه السياسي الإسلامي “رؤية مقاصدية”
الملخّص
يكتسي الفقه السياسي الإسلامي أهمية كبيرة على مستوى منظومة التشريع الإسلامية، وذلك لما له من تأثير على واقع الناس وتحكم في مجرياته..، لا سيما إذا علمنا أن الخلاف الفكري والعقدي الذي طرأ قديما على الأمة الإسلامية، كان منشأه سياسيا ابتداء، وأن الانشقاقات التي شهدتها الأمة آنذاك، كان مصدرها سياسيا بالأساس..
وإذا علمنا أن السياسة بمعناها الشرعي، يقصد بها -في أبرز تعريفاتها- “تدبير شؤون الأمة، وتنظيم مرافقها بما يتفق مع روح الشريعة وأصولها الكلية، وذلك بالمواءمة بين المصلحة المقصودة نصا، وتحقق تلك المصلحة في الواقع”، وإذا أدركنا كذلك حجم التخبط الذي أفرزه العامل السياسي في المجتمع الإسلامي، ندرك مدى حاجتنا إلى هذا الفقه..
وسواء تعلق الأمر ببعض تلك الأسباب أو كلها، فإن الاتفاق قائم على أن الفقه السياسي الإسلامي، لم يقم بالتأطير الكافي والاستيعاب الشافي، لمجتمع ما بعد الخلافة الراشدة وإلى يوم الناس هذا، اللهم إلا ما كان في إشارات ضعيفة و معالجات سطحية، لا ترقى إلى حجم هذا الفقه، و إلى حجم الإشكالات المطروحة على الواقع الإسلامي، والذي كان مرهونا في جميع محطاته بآثار الساسة والسياسة.
لقد استمر غياب الحضور الكافي للفقه السياسي في تاريخ هذه الأمة، إلى أن انتهى في عصرنا الراهن، إلى ما هو أخطر منه، وهو نشوء فكر سياسي جبري، وعلم سياسي مفصول عن بيئته الإسلامية، بعيدا من حيث المرجعية عن أصول الإسلام ومقاصده، مما أفرز معه إشكالات جديدة أكثر تعقيدا من ذي قبل، سواء في الفهم أو في الممارسة.
ذلك ما يؤكد بإلحاح، أن فقهنا السياسي ما يزال بحاجة إل حركة تجديدية قوية، تمكنه من ممارسة دوره الحضاري في تأطير المجتمع وتدبير مصالحه، بشكل يوافق قصد الشارع فيما شرع، لا سيما إذا علمنا أن الشريعة الإسلامية قد اكتفت بعرض المبادئ والأسس العامة، والقواعد الكلية في باب السياسة الشرعية، وتركت الباقي للإجتهاد.
التعليقات