دراسات

بيت الذاكرة وخصوصية اليهود المغاربة

بيت الذاكرة و خصوصية اليهود المغاربة

 

الملخّص

            تم تدشين  بيت الذاكرة الخاص بإسهام الأقلية اليهودية بالمغرب بمدينة الصويرة في المغرب، وهو مشوع يتعدى الثقافي الى السياسي والديني؛ ففي عالم يسوده اليوم منطق صراعي صدامي متزايد، من أبرز تجلياته تأجج الصراع على المستوى الدولي خصوصا في المجتمعات المتعددة الأعراق و الأديان؛ فمشكلة الروهينغا ومسلمي إفريقيا الوسطى، وصراع السنة والشيعة ثم  السياسات الانكفائية والانغلاقية للعديد من البلدان التي كانت تمثل إلى عهد قريب نموذجا للانفتاح على الآخر  القبول بالاختلاف، أبرزت أن العالم اليوم يعيش نكوصا وقلقا كبيرا حيال موضوع الهوية والعلاقة بالآخر، خصوصا إذا كان هذا الآخر أقلية إثنية. وبدعوى الخصوصية الثقافية ظهر مع البريكزيت البريطاني ومحاولة تشييد سور عازل بين الولايات المتحدة الإمريكية والمكسيك توجه غربي نحو مزيد من الانغلاق ورفض الآخر تحت مبررات ودواعي شتى؛ لذلك  فالعقل المسلم مدعو إلى الاشتغال من منطلق مسؤولية الأمة الشاهدة من أجل تقديم وجهة النظر الإسلامية المغيبة وتجلية جوانب قوتها وبالتالي قدرتها على تقديم البدائل لهذا العالم الذي دخل مرحلة التيه الحضاري. وقد يسعف تقديم نماذج من تجربة المسلمين الحضارية في التعامل مع الأقليات غير المسلمة، في تجلية قدرة الحضارة على العطاء والاستمرار من خلال احترام الإنسان وكينونته مهما كان دينه أو مستوى اختلافه عن المكون الغالب في تلك الحضارة، بل الهدف الأعمق هو إبراز ارتباط استمرار تلك الحضارة وقوتها بمدى احترامها لكل مكوناتها و عناصرها ، وبالتالي ضمان استمرار عطائها وإسهامها في بناء حضارة تعترف بالخصوصيات جميعها من خلال جعلها خادمة لغاية واحدة هي رقي المجتمع الذي يحتضنها ورفاهيته.

إن إبراز خصوصية تعامل المغاربة مع الأقلية اليهودية تاريخيا وراهنا واحد من المداخل التي يمكن أن تقدم نموذجا لهذا التفاعل الإيجابي مع أبناء الأقليات و ثقافتهم، ليس باعتبارهم جالية، وإنما باعتبارهم مواطنين كاملي المواطنة، مع ما يعنيه ذلك من قدرة على الفعل والعطاء ، فحماية المغاربة لليهود من منطلق المواطنة خلال الحرب العالمية الثانية، بالإضافة إلى مجموعة من المواقف الأخرى، يمكن أن تكون منطلقا دينيا لأنسنة التشريعات الدولية في مجال حماية الأقليات من الانتهاكات التي صارت تتمأسس أكثر فأكثر؛ وهو نموذج يقدم لعالم اليوم قيم التسامح و التعاون بين الأعراق والإثنيات، ليس باعتبار ذلك شعارا وغاية يستحيل إدراكها، وإنما باعتباره نموذجا تحقق تحققا واقعيا، وأبرز أن الاختلاف قدر  أن النسق الإسلامي استطاع أن يضمن له تدبيرا فعالا جعل منه غنى وثراء، لا مطية للاحتراب والصراع.

وهكذا فالسؤال الذي يطرح نفسه: هل يمكن لهذا النموذج الذي تأطر بفقه  وتشريع في نسق المغرب الخاص أن يتحول إلى نموذج يحتدى في العالم كله؟

 

لقراءة الحث كاملًا المرجو الضغط هنا

التعليقات

اظهر المزيد

د. محمد لبيتي

باحث مغربي،  يعمل أستاذا للتعليم الثانوي التأهيلي بمدينة خريبكة، حاصل على شهادة الدكتوراه في الآداب في موضوع” خصوصية الإصلاح بالمغرب المعاصرو إمكانات التفعيل. له مشاركات عديدة بمجموعة من الندوات و الملتقيات الوطنية و الدولية داخل المغرب و خارجه. له كتاب مطبوع:” ثنائية الخصوصية و العالمية – دراسة في المفاهيم و البدائل-، وله مجموعة من المقالات المنشورة. عضو اللجنة الثقافية بالمجلس العلمي المحلي بخريبكة، وهو منسق لجنة التوثيق و النشر بمركز دراسات المعرفة و الحضارة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *