كتاب: الكلام في الوجود .. حقيقة تابثة والشعور به أمر فطري
كتاب: الكلام في الوجود .. حقيقة تابثة والشعور به أمر فطري
لقد بلور المتكلمون عدة أدلة على وجود الله، فكان ضبطها في أربعة أساسية هي :
دليل الطبيعة ، دليل حدوث الأجسام ، دليل التضاد ، ودليل العلية .
ومن أهم خصائص البحث في هذه الأدلة رغم تنوعها فإنها تلتقي في خاصية الاتجاه من العالم نحو الله لإثبات وجوده تعالى.
فالبحث الكلامي ليس بحثاً مجرداً ينطلق من تصورات عقلية ومفاهيم تجريبية خالصة، بل هو بحث يتخذ من الواقع أو من ما يعتقد المتكلمون أن الواقع منطلق له.
إن هذا الاتجاه من العالم نحو الله يجعل المنطلقات الكلامية منطلقات تجريبية .
ولا شك أن الاستناد إلى المُشَاهَد من حال الجواهر والأجسام وما يلحقها من الأعراض يجعل النتائج المتوصَّل إليها في هذا الشأن خاضعة لمعطيات التجربة والاختبار وإن ادعى لها أصاحبها، الثبات والاستقرار. إلا أن إرتكاز أدلة وجود الله على هذا الاتجاه من العالم إلى الله لا يعني أن بحثهم غدا بحثا تجريبيا خالصا، فالمعطيات التي أثبتها المتكلمون في سياق إستدلالهم تبرز أن بحث المتكلمين ظل ميتافيزيقياً وإن تأسس على مسار يُفترض أن يكون تجريبياً اختبارياً، وأن البعد الميتافيزيقي يتجلى من خلال أمرين أساسيين يستخلصان من أبحاث المتكلمين:
- اعتبارهم أن الكون بما فيه من الأجسام والجواهر والأعراض حادث.
- تأكيدهم أن الكون مجال غير مكثف بذاته إذ هو متصف بالافتقار والاحتياج إلى غيره.
ولقد عمل المتكلمون على صياغة أدلتهم من خلال الاعتماد على الأقيسة المنطقية التي تتأسس على مقدمات يجتهدون في الاستدلال عليها قصد تأكيد صحة نتائجهم.
والاعتماد على القياس هو من أظهر خصائص البحث في وجود الله عند المتكلمين. ولاشك أن المتكلمين يعتبرون أن مقدماتهم تندرج ضمن القياس البرهاني الذي يفيد اليقين الدائم الذي لا يتغير.
التعليقات