الاجتهاد والتجديد في الفكر المقاصدي، دراسة في إمكانات التفعيل
كتاب: الاجتهاد والتجديد في الفكر المقاصدي، دراسة في إمكانات التفعيل» صادر عن دار الطليعة، بيروت، 2014م للدكتور يوسف عطية الباحث في أصول الفقه ومقاصد الشريعة ، الذي يحاول فيه إلى إبراز أهمية بناء العقل المقاصدي التعليلي في إطار الفكر الإصلاحي للفكر الإسلامي.
الكتاب يتناول بالتفصيل مقاصد الشريعة كمنهج ضابط للفهم والتطبيق في الشريعة الإسلامية، و كمجال واسع وحقل خصب يمكن أن يعجل بتجاوز الأزمات والمنعطفات التي تمر بها الأمة الإسلامية منذ قرون
ويأتي هذا الكتاب -إضافة إلى الجهود التجديدية والمبادرات الاجتهادية والإصلاحية-، كحلقة من حلقات الدرس المقاصدي، يطرح قضية الفكر المقاصدي باعتباره فكرا متشبعا بمعرفة معاني مقاصد الشريعة وأسسها ومضامينها، من حيث الإطلاع والفهم والاستيعاب، يهدف من خلاله مؤلفه إلى الإسهام في إغناء هذا المجال محاولا في ذلك رصد بعض الإختلالات والأزمات التي عطلت و تعطل العقل المسلم اليوم، كما وقفت وتقف عقبة أمام فعله، وساعيا إلى تقديم بعض الإجابات والمقترحات التي يمكن أن تنهض به سواء على مستوى النظر أو على مستوى التنزيل.
قسِّم الكتاب إلى ثلاثة فصول تفرع كل واحد منها إلى مباحث ومطالب. واستند المؤلف في مقاربته للموضوع إلى ثلاثة مناهج: (المنهج التاريخي التأصيلي، المنهج التحليلي الوصفي، والمنهج النقدي)
يبدأ الكتاب بعد المقدمة بتحديد مفهوم الاجتهاد وأصوله وروابطه، ثم يدرس علاقة الاجتهاد بكل من المقاصد والتجديد انطلاقاً مما يعطيه الاجتهاد للشريعة من خصوبة وثراء، مفسراً معنى «الاجتهاد التنزيلي»، مفرقاً بينه وبين «الاجتهاد الاستنباطي»، ومؤكداً أن الاجتهاد هو السبيل إلى التجديد وتغيير القديم على قاعدة أن العلاقة القائمة بينهما هي علاقة جدلية يخدم أحدهما الآخر بموجبها.
الفصل الأول: يتناول الكاتب في الفصل الأول مفهوم المقاصد لغة واصطلاحاً. وبعد الاستدلال بالتعريفات الاصطلاحية التي عالجت «المقاصد اصطلاحاً» يخلص إلى أن «الفكر المقاصدي هو التدبر والتأمل المنضبطان لأحكام الشرع وغاياته ومراميه، المراعيان لمصالح الخلق الدنيوية والأخروية، لينتقل للحديث عن المسار التاريخي للفكر المقاصدي…
الفصل الثاني: خصص الفصل الثاني لدراسة التحديات والمعوقات التي تواجه الفكر المقاصدي وبعض إمكانات مراعاتها. وجاء هذا الفصل في مبحثين: المبحث الأول، عالج فيه المناهج والنظم التي يقدم بها اليوم الفكر المقاصدي وما تفرضها من إشكالات في إطار المنظومة المعرفية الإسلامية ككل، إلى جانب إشكالية الفصل والوصل بين المقاصد وأصول الفقه وما يرتبط بهما من تأثير في المجالين. أما المبحث الثاني فتناول المصلحة والمفسدة وكيفية الترجيح بينهما عند التعارض إضافة إلى ضوابط الأخذ بالمصلحة وإمكانات مراعاتها.
الفصل الثالث: في الفصل الثالث والأخير المعنون: «الفكر المقاصدي والانتقال نحو مرحلة جديدة» يقترح الباحث آليتين لتفعيل الفكر المقاصدي، أولها، نقد الذات ومراجعة التراث، ثانيتها، تكاملية الفكر المقاصدي وبعض العلوم الأخرى في إطار منظومة التكامل المعرفي. وفي سياق المجالات التطبيقية للفكر المقاصدي يطرح ثلاث قضايا حددها في ثلاثة مطالب: الحوار الديني مقاصدياً، باعتباره مطلباً قرآنياً ومنهجاً نبوياً في عالم تتسع فيه التعددية الثقافات مع إعطاء الأولوية للحوار الإسلامي – الإسلامي.
العمل السياسي مقاصدياً، حيث يتطرق إلى الأفكار التي طرحها بعض الكتّاب حول مسألتَي الديموقراطية والتعددية الحزبية أو السياسية، ومن بين هؤلاء محمد سليم العوا الذي خلص، بعد سجاله مع بعض المشتغلين بالفكر السياسي الإسلامي لا سيما أولئك الذين ينفون الحزبية، إلى «أن الإسلام لا يضيق نظامه السياسي بالتعددية الحزبية وأن كل حزب لا يقوم على نقض الإسلام أو هدم مبادئه، هو حزب يجوز له أن يدعو إلى ما يريد من الدولة الإسلامية». والمطلب الثالث والأخير، مقصد اكتشاف السُنن الكونية بهدف التأسيس لقراءة سُننيّة للوحي ذات نظرة واسعة تجمع بين العلم الشرعي والعلم بالكون.
يهدف يوسف عطية في كتابه إلى تبيان أهمية الفكر المقاصدي في سبيل تفعيل الاجتهاد المعاصر والحد من الأزمة التي يعاني منها الفكر الإسلامي من أجل وضع منظومة تؤسس لتفكير إسلامي متكامل يقلص مساحات الاختلاف حول القضايا الكبرى لا سيما ما يرتبط بفقه الواقع.
التعليقات