التنوع الثقافي وإمكانات تعزيز السلم العالمي.. حوار مع أ.د. خالد حاجي
بين يدي الحوار
يقدم الأستاذ الدكتور خالد حاجي منظورات فكرية وفلسفية ومنهجية في تحليل الظواهر، تؤشر على أسلوب جديد في النظر والتوقع، وميلاد نموذج من النخب الثقافية في المغرب المعاصر؛ بأفق مغاير ومستوعب للتحولات الجارية على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي، فلسفة وقيماً ونظماً، وهو ما منح له القدرة على إنجاز قراءات تركيبية لما يحدث، بعقلية منفتحة جمعت بين منهج التأمل الفلسفي المبني على مرجعية الوحي، وغنى التراث العالمي الإنساني، والتفكير العملي في القضايا الماثلة أمامه، والموجهة للإنسان في كدحه المتواصل مع ضنك الحياة.
يشهد العالم تحولات متسارعة لم تعد ترحم الشجر والحجر أو يشعر معها الإنسان بلطف ورحمة، أنتجت تكاثر الأنواع الهجينة بتعبير الباحث الناقد الأمريكي في علم الاجتماع إيمانويل والرستاين، أو كائنات نصف بشرية ونصف آلية، فقد معها الإنسان كينونته وبعض خصائصه الفطرية، وهو ما يستدعي التفكير في تجاوز المقولات الكبرى التي أطرت مسيرة العلم وفلسفته، وكل الأنساق التي اهتمت بالإنسان في أفق استعادة الجزء المغتال في المعرفة المعاصرة (المعنى والقصد).
فلم يكن نقد العلم وأنساق المعرفة التي أنتجها الإنسان وما يزال رفضا لها أو تنقيصاً من أهميتها، إنما احتجاجا على الوضع الذي صنعته، أو أريد لها أن تصنعه في ظل الصراع القائم بين المتنازعين على السلطة والمال، وثروات الطبيعة، الضحية الأولى ــ بتعبير البير كامي ــــ في هذا الصراع هو الإنسان. وهو ما كشفت عنه أزمة وباء كورونا الذي أصاب الجميع ولم يستثن أحداً من العالمين، فأعاد ترتيب ما قسمته النيوليبرالية ومشتقاتها.
فقد أخذ أهل التخصص من الأطباء وعلماء الأحياء والبيولوجيا، حيزا من الاهتمام والتبجيل، نظير صنيعهم، وما يقدمونه من جليل الخدمات، وهذا طبيعي جداً لتوافق تخصصاتهم مع طبيعة الأزمة، لكن هذا لا يكفي في نظر أهل الفكر والاجتماع، وتخصصات أخرى، لأن الأزمة بنيوية تختلط فيها التحديات، وتتشابك فيها العوامل ولا يقل فيها أهل الفكر والتأمل الفلسفي والديني شأناً للتعبير وإصدار وجهات النظر، ومنظوراتهم فيما يحدث ويجري، واستشراف ما يستقبل من الأيام.
في هذا السياق ــــ الذي شرحنا بعضا من عناصره ـــ ولمزيد من التدقيق والتحليل، يستضيف موقع مركز دراسات المعرفة والحضارة الأستاذ الدكتور خالد حاجي، وهو أستاذ باحث خبير بشؤون الفكر الإسلامي وقضاياه الأساسية، والفكر الغربي وأسئلته المتدفقة التي تقذف به حضارته السائلة ــــ بتعبير زيجمونت باومان ـ فهو متعدد الاهتمامات، التي تخترق الإنسان والجغرافية (السلم، العلمانية والتعددية، والعولمة، أوروبا والإسلام وحوار الأديان وفض النزاعات والتصالح، وتدبير الاختلافات …الخ) شديد الحفر في التراث العربي الإسلامي على مستوى القضايا التي يعالجها، بأفق مؤسس وبنائي للعلاقة بين الذات والآخر. وهو ما يمنح للحوار معه دلالات خاصة، ومناسبة كريمة للتداول المعرفي لقضايا الواقع المعاصر، وتشابكاتها المعقدة. وهو أيضاً رئيس منتدى بروكسيل للحكمة والسلم العالمي.
نرحب بكم دكتور خالد في هذا الحوار على موقع مركز دراسات المعرفة والحضارة، والذي نتمنى أن يكون لبنة للتواصل المثمر في المستقبل القريب.
التعليقات