إشكالية الثنائيات في فكر عبد الوهاب المسيري
يعدّ المشروع الفكري للأستاذ د. عبد الوهاب المسيري -رحمه الله- حالة فريدة ومميزة ضمن الأعمال الفكرية المعاصرة، نظرا لتعدد اهتماماته العلمية وتميّز منهجيته المعرفية، فهو عالم شديد الاتساع والثراء، وصاحب مشروع فكري متكامل.
نحن أمام كتاب يرتكز على تحليل منهجي علمي للمنطلقات الفكرية في مشروع المسيري من خلال دراسة النماذج المعرفية التي أبدعها استنادا إلى التحليل المرتكز على الثنائية كآلية لفهم الظواهر الإنسانية والوجودية. ومن ثم فالقضايا التي تقاربها نحاور الكتاب ليست من باب الترف الفكري، بل هي إشكالات حقيقية لها امتدادات مؤثرة، كما أن وقعها واضح جلي على الواقع الفردي للإنسان بكونه مستخلفا في الأرض، وعلى الواقع الجماعي للأمة من خلال تفاعلاتها الداخلية وعلاقاتها البينية الخارجية مع الأمم الأخرى لتحقيق الخيرية المنوطة بها.
يتوقف الكتاب على مركزية التحليل الثنائي في فكر المسيري، مبرزا خيوطه الممتدة في عدد من الروافد المرجعية، وفي كثير من الإشكالات المعرفية، وفي جملة من الغايات والنهايات التي شكلت عناصر أساسية للرؤية الكلية للإنسان والحياة والوجود. وما يؤكد ذلك أن أغلب المقولات التحليلية في كتابات المسيري هي مقولات ثنائية، ومن أهمها: الإنساني والطبيعي، الروحي والمادي، السائل والصلب، المطلق والنسبي، التراحم والتعاقد.. فالثنائية عند المسيري هي رؤية توحيدية كلّية للعالم، توحّد بين الروح والمادة، ولذا جاء الإسلام يخاطب كل ما في الإنسان ويوجّهه لتحقيق التوازن والتكامل الخلّاق بين الثنائيات التي تحيط به.
التعليقات