نيتشه وسؤال التجديد مقدمة للتفكير في قيمة فلسفة “إرادة الاقتدار” اليوم
الملخص
أمام هيمنة النموذج الارتكاسي Le modèle réactif على الحضارة الغربية، وعلى الإنسان المعاصر، حيث سيادة “الروح الإنكارية”، والتي يمكن تلخيصها في مبدأ تبخيس الحياة والوجود بلغة جيل دولوز Gilles Deleuze، كانت الحياة الإنسانية في حاجة ملحة إلى فيلسوف أصيل قادر على حل إشكال “أزمة الحداثة” ومأزقها المرتبط بالانقسامات والانفصالات والشروخات التي أفرزتها، من خلال عملية “إزالة الأقنعة وكشف الأوهام” La démystification.
هكذا، ظل الإنسان ينتظر، عبر تاريخ الفلسفة، من يجدد منطق تفكيره، ويحرر القوى الفاعلة المعتقلة بداخله، ويحطم الأغلال الثقافية الدوغمائية المكبلة لحركته، ويساعده على الانعتاق من قيود العقلانية الحسابية التي رسمت له صورة متعالية عن عالمه الأرضي، لا سيما وأن الحداثة الغربية دخلت في طور أزمة عميقة تتعلق بالمعنى وانعدام الغاية على حد تعبير إدموند هوسرل Edmund Husserl. فما أحوج البشرية، إذن، إلى فلسفة أصيلة تردم الهوة التي رسمها تاريخ الفلسفة بين الإنسان والحياة!
إن النموذج الارتكاسي، في الاصطلاح النيتشوي، ليس سوى عملية تأويل وتقويم الحياة والوجود من زاوية الضغينة أو الوعي الشقي أو المثل الأعلى الزهدي. ومن داخل هذا المنظور الأخلاقي تبدو الحياة ظالمة وآثمة، ومصدرا لا ينتهي للألم والمعاناة؛ وهذا الطابع السلبي للحياة هو ما يجعلها في حاجة إلى أقنعة وتبريرات لكي يتحملها الكائن ويقوى بواسطتها على تحمل عبء الوجود.
التعليقات