مفهوم العلمنة عند ماكس فيبر
الملخّص
أفرز مفهوم “العلمنة” في واقع الفكر الغربي إشكالا تاريخيا وعلى الأخص بالنسبة لأسس الأزمنة الحديثة، بحيث أنه أعاد السؤال المركزي: كيف ساهمت الأزمنة الحديثة في رسم زمنها التاريخي و التأسيس للهوية الاقتصادية الرأسمالية الغربية؟
ليس الغرض من إثارة التساؤل تحقيق مقصد الجواب في حد ذاته فقط، وإنما الإشارة إلى أن القضية ترتبط بالتساؤلات الإشكالية التي أعيد طرحها بشأن أزمنة نالت شهادة الاعتراف عدة مرات، وهي أيضا دعوة لإعادة بناء أسس للفهم من جديد، فهذا المفهوم (العلمنة) ارتبط بداية بماكس فيبر في كتابه: “الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية” للتعبير عما حصل من تغيير في أنماط السلوك التي طالت الإنسان الحديث، فما حصل للعالم الغربي هو نوع من “نزع الطابع السحري عن العالم” التخلي عن التفسيرات الخارجة عن المنطق التفسيري، والإذعان لقوانين الطبيعة الناتجة عن تطور الجانب العلمي. مفهوم العلمنة يعبر عن هذا التحول الذي طال فهم العالم، لكن هذا الأمر لا يعني ترادف المعنى بين “نزع الطابع السحري عن العالم” ومفهوم “العلمنة”، بل إن العلمنة هي تلك العملية التي تم بها تحويل روح القيم الدينية الخاصة بالطائفة البروتستانتية، وجعلها روح النظام الاقتصادي الرأسمالي الغربي، لقد تمت علمنة القيم الدينية، كما تم فهمها آنذاك إثر الحركات الإصلاحية لبعض الطوائف المسيحية وليست كل القيم الدنيوية تستجيب للنظام العقلاني الاقتصادي، لذلك فماكس فيبر لم يعن بها غياب الجانب الديني بشكل تام، أو عملية تعويض بشكل كامل، بل فقط عملية نقل القيم كما تمت في الطائفة البروتستانتية، إلى قيم عقلانية دنيوية تركز على مفهوم الكسب والعمل بروح مستمدة من الإطار الديني الإصلاحي البروتستانتي، فما السياق المتولد عن العدة المفهومية الحداثية؟
التعليقات