أنشطة قادمةندوات

ندوة وطنية: التجربة الإصلاحية في المغرب: الأسس العلمية والتجليات العملية

أرضية الندوة الوطنية:

التجربة الإصلاحية في المغرب: الأسس العلمية والتجليات العملية

 والتجليات العملية

يومي 2 و 3 ماي 2019

 

لا شك أن الإصلاح قانون كلي قائم على الإرادة، قال تعالى ((إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله)) (هود 88)، وهذه الإرادة تمتد من التغيير النفسي الذاتي، قال تعالى ((إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)) (الرعد 11)، إلى الفاعلية الاجتماعية وخيرية الأمة بحضورها العمراني وشهودها الحضاري، قال تعالى ((كنتم خير أمة أخرجت إلى الناس)) (آل عمران 110). وهذا ما يكشف عن كون الإصلاح منهج تزكية وسطي بين عالم الغيب وعالم الشهادة وبين الروحانيات والماديات وبين القيم الأخلاقية العظيمة والعقلانية الواقعية، بين منطق الدين ومنطق العقل في بناء الإنسان الصالح المصلح في الصيرورة التاريخية للوجود الإنساني ومقتضيات حفظ مصالحه الكلية وجودا وعدما. ولهذا كانت رسالة الإصلاح التي اضطلع بها الأنبياء والرسل أولا، ثم خلفهم فيها العلماء المستأمنون على إرث النبوة ثانيا، درء لمظاهر الفساد المختلفة وإرشادا وبيانا للناس لكي يكون سعيهم في الحياة مستنيرا ومستهديا بسنن الله تعالى في شرعه وسننه في خلقه.

لقد عرف مفهوم الإصلاح وحلقاته العملية في السياق المغربي، عدة قراءات ومقاربات لاجتهادات إصلاحية، قبل الغلبة الغربية الأوروبية، وأثناء تمكنها من الجغرافية المغربية، وبعد ما تم تحقيقه من الاستقلال منها. وكل هذه القراءات لم تغلق التأويل الإصلاحي وإنما قدمت الفكرة الإصلاحية من خلفيات مرجعية عقدية متنوعة، فعلى الرغم من النقد المعرفي لمفهوم الإصلاح والحاجة إليه، لم تصل إلى بلورة رؤية معرفية لها قطيعة معرفية مع التوجهات الإيديولوجية ( الفكرانية)، لكشف قانون الإصلاح في العمران البشري المغربي، وارتباطاته بالإسلام والعلم والسياسة.. وهذا ما يسوغ النظر المتجدد في مفهوم الإصلاح بالمغرب الحديث، والنظر في مدارسه وأعلامه ومناهجه، وما يقتضيه ذلك النظر من التحليل التاريخي والتأويل العلمي والاعتبار العقلي.

ولقد وفق الله تعالى المغرب منذ اعتناق أهله للإسلام إلى اختيارات مذهبية على مستوى العقيدة والفكر والسلوك والتدبير السياسي، جعلت تجربته في التدين تكتسي خصوصيات ميزتها عن سائر التجارب الأخرى. حيث أسست تلك الاختيارات للتدين الوسطي المعتدل فيه، ودرأت كثيرا من مظاهر الغلو والتشدد التي وفدت إليه منذ وقت مبكر من المشرق. كما إن خلوّه من كثير من مظاهر الصراع الملي الديني والفلسفي والسياسي والباطني العرفاني، جعل اختياراته تعرف رسوخا واستقرارا عبر تاريخه الديني الحافل، حيث كان محل إجماع بين حكامه وعلمائه وعامة الناس فيه. فكانت إمارة المؤمنين تحمي الدين وتسوس الدنيا به، وكان رجال العقيدة يدرأون شبه التكفير ويفسحون مجالا للعقل إلى جانب النقل تفويضا أو تأويلا حسب الاختيار الأشعري الجامع، وكانت حركة الفقه تجدد نفسها رعاية للمصالح والمستجدات حسب الاختيار المالكي بغنى أصوله ومصادره، وكانت الزوايا والطرق التربوية الصوفية تصون القيم وتحفظ السلوك وفق الاختيار العملي السني الجنيدي. وكانت خلاصة هذا النسيج المتكامل، هذه الخصوصية المغربية التي جمعت في نموذجها الديني ما كان متفرقا أو متناقضا في غيرها من النماذج.

إنها خصوصية تجمع بين الماضي العريق في أصالته، بين مقتضيات العصر في تطوره وتجدده، تحضر تزكية النفس فيها إلى جانب الإبداع الفكري والتربية السلوكية على القيم ومكارم الأخلاق، إلى جانب القوة في التحصيل العلمي والتطور الاجتماعي المدني الحديث. وذلك ما ينبغي الحفاظ عليه وتضافر الجهود الإصلاحية من أجل الارتقاء به، بل وجعله وعيا جماعيا مشتركا يحفظ هذا التميّز ويصونه من الفتن والآفات العابرة للحدود والقارات.

وإن الإصلاح من خلال المرحلة الراهنة من تطوره في الواقع المغربي، يواجه تحديات أخرى مرتبطة بالعولمة، وما بعد الحداثة، والتنمية المستدامة، وتزايد انفتاح المغرب على الخارج في أفق الحوار الحضاري، يتطلب اجتهادا معنويا جامعا لأسئلة العلم والقيم، يخرج الإصلاح من الرؤية التجزيئية التي تحصره في جانب واحد فكري أو فقهي أو تربوي أو سياسي، كما لو أن الأفكار الإصلاحية يمكن أن تتحقق في جانب واحد دون الجوانب الأخرى. فمن شأن هذا الاجتهاد المعنوي أن يثبت الرؤية الإسلامية للإصلاح التي تبرز تحاضن المجالات الحياتية لبعضها البعض وتكاملها دون إفراط أو تفريط، وأن يحافظ على قانونية الإصلاح الكلية في التغيير الاجتماعي، التي يتأسس نجاحها العمراني على بناء الإنسان الجديد، وعلى تكامل البرهان والعرفان، وعلى صياغة النموذج الواقعي لمؤسسات العمران السياسية والعلمية. فإشكالية الإصلاح في عالم اليوم ليست في عدم وجود الأفكار الإصلاحية، والمشاريع التجديدية، ولكنها عميقة في تحويل الفكرة إلى عمل والمشروع إلى فعل، وهي إشكالية واقعية لها نتائجها السلبية المتفاقمة في مسيرة الوعي الإصلاحي بالمغرب التي شكلت عوائق قوية في بناء نموذج الإصلاح الحضاري الناجح.

تستوجب الضرورة العلمية فحص الفكرة الإصلاحية عند رجالاتها بالمغرب بمنهج تكاملي ونقدي تفاعلي يتجه إلى ما هو أبعد من الخاص المتعلق بالإصلاح الديني أو الإصلاح الفقهي أو الإصلاح السياسي أو الإصلاح المجتمعي، إلى العام المتعلق بإصلاح الإنسانية في زمن انهيار الإيديولوجيات وهيمنة اللامعنى وأزمة القيم العالمية.. ولهذا صارت فرضية بناء الفكرة الإصلاحية على سؤال القيم الأخلاقية، مدخلا معرفيا أساسا في قراءة مفهوم الإصلاح بالمغرب وسياقات مصادره الذاتية والخارجية، وذلك بتحليل المدارس الإصلاحية ومناهجها وسبر مآلاتها ومقاصدها في صياغة نموذج مستقبل الإصلاح بالمغرب ومجالاته ووسائله ومحركاته والوعي بمعيقاته وانتقاداته، من خلال المحاور الآتية:

الأول: إمارة المؤمنين والتدبير الديني والسياسي الجامع

الثاني: المدرسة الأشعرية والإصلاح العقدي والفكري

الثالث: المدرسة المالكية والاجتهاد الفقهي

الرابع: مدرسة الإصلاح الديني في المغرب.

الخامس: مدرسة الإصلاح التربوي والصوفي

السادس: مدرسة الإصلاح الفكري والسياسي.

السابع: الإصلاح المغربي من الخصوصية إلى العالمية.  

برنامج الندوة

التعليقات

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *